" لماذا أنا غاضب طوال الوقت؟ مهما أفعل يعتمد على ما يقرره شخص آخر لافعله ... لماذا تجعلوني أتعلم ؟ ما فائدة ذلك إذا كنت غير قادر على الإطلاق لفعل أي شيء على أي حال. لماذا؟ فقط لماذا" هذا ماكان يقوله ديفيد للطبيبة ماري مورفي، وهي الطبيب النفسي لديفيد.
كان اللون المفضل ل ديفيد فيتر هو البنفسجي . كان لديه بطة و كان يحب فلم حرب النجوم الأصلي. وكانت الأطعمة المفضلة لديه السباغيتي، اللازانيا وكعك الشوكولاته. كان يحب مسك الخلاط ومساعدة أمه في خبز الكعك . كان يحب مشاهدة ألعاب هيوستون هويلر بير في التلفاز مع والده. كان الطفل ذو حسن تصرف وكان أحيانا يتعارك مع شقيقته ويزعج والديه.
قضى ديفيد حياته بأكملها داخل الغرفة البلاستيكية العازلة لحمايته من الجراثيم التي لا يمكن أن يصمد امامها جسده .
قضى ديفيد حياته بأكملها داخل الغرفة البلاستيكية العازلة لحمايته من الجراثيم التي لا يمكن أن يصمد امامها جسده .
..::& ولادته &::..
ولد ديفيد فيتر وكان مريض ب نقص المناعة المركب الشديد (SCID) وهذا يعني أن جسمه ليس لديه الجهاز المناعي لمحاربة الأمراض من أي نوع ولأن شقيقه الأكبر قد مات من مضاعفات نفس المرض ، قام والديه بإعدادات وترتيبات قبل ولادة ديفيد لتتم ولادته في جو خالي من الجراثيم في 21 سبتمبر، 1971، في مستشفى الأطفال في ولاية تكساس في هيوستن. عند ولادته تم وضعه فورا في غرفة عازلة حتى يتسنى لهم معرفة هل ديفيد مصاب ب نقص المناعة ام لا وعندما تأكدوا من اصابته بهذا المرض SCID وضعوه في الغرفة البلاستيكية العازلة وكان العلاج الوحيد هو زراعة نخاع عظمي وكانت الامال على اخت ديفيد كاثرين ولاكن لسوء الحظ لم تتطابق الصفات وهكذا عليهم انتظار متبرع بنخاع عظم مطابق أو علاج لمرضه. وهذا الإنتظار استمر لفترة 12 سنة .
..::& حياته &::..
في السنوات الأولى من حياته، قضى ديفيد الوقت مابين المستشفى والمنزل ، ولكن في وقت لاحق كان قادرا على العيش في المعزل في منزله ، وزيارة المستشفى فقط للفحوصات . كانت اخته كاثرين تقضي وقتا مع شقيقها، وطوال السنوات التسع الأولى من حياته، كانت تنام بجوار الغرفة العازلة عندما يكون في المنزل .
الماء والهواء والغذاء والحفاضات والملابس، كل ذلك يتم تطهيرة بمعدات خاصة قبل ادخالة للغرفة العازلة. وكانت رعايته تتم فقط من خلال ارتداء القفازات البلاستيكية الخاصة المعلقة على جدران الغرفة العازلة . قبل أي شيء يدخل إلى الغرفة العازلة تتم ازالة الملصقات الاضافية ويتم وضع المنتج في غرفة مليئة بغاز أكسيد الإيثيلين لمدة أربع ساعات في 140 درجة فهرنهايت (60 ˚ درجة مؤوية ) ومن ثم تهويته لفترة من يوم إلى سبعة أيام قبل أن يدخل إلى الغرفة العازلة .
حاول الباحثون ووالديه توفير الحياة بشكلها الطبيعي قدر الإمكان: كان يتعلم تعليم نظامي ويشاهد التلفاز (المستشفى وفرت له جهاز تلفزيون صغير داخل الغرفة العازلة ) حتى انهم وضعوا له غرفة العاب خاصة به . ومع ذلك، كان يتوق للمشاركة في العالم الخارجي حيث بإمكانه أن يرى ما هو خارج الغرفة العازلة وما يشاهده على شاشات التلفزيون.
في الرابعة من عمره اكتشف ديفيد ان بإستطاعته ثـقـب الغرفة العازلة بإبرة وجدت عن طريق الخطأ . أدى ذلك لجعل الطبيب بأن يشرح لديفيد عن الجراثيم وحالته الخاصة للمرة الأولى. وعندما وصل للخامسة من عمره. تفهم ديفيد وضعه وبدا يفكر في مستقبله الغامض - خيارات محدودة، ومشاعر الاغتراب وزيادة الحاجة إلى أن يكون مهذبا ومتوافقا حتى لا يكشف عن غضبه.
..::& بدلة خاصة &::..
في عام 1977 تم صنع بدلة خاصة خالية من الجراثيم حتى يتسنى لديفيد المشي خارج الغرفة العازلة كلفت صناعة البدلة 50 الف دولار وكان بالامكان لبسها لمدة 4 ساعات فقط في كل مرة ساعة للبس وساعه للطريق للمنزل وساعه ليخرج بها خارج المنزل وقد لبسها 5 مرات فقط .
بعد سنوات عديدة أصبح وضع ديفيد لا يطاق. كانت التوقعات الصغيرة لإيجاد علاج لا تزال نفسها في سن مراهقته وعندما كان رضيعا . ولكن يخشى الأطباء في سن المراهقة انه لا يمكن التنبؤ بما سيفعل ديفيد ومن الممكن ان تكون خارجة عن سيطرتهم .
بدات الحكومة الأمريكية مشاوراتها بشأن خفض تمويل مشاريع هذه التجربة لأنها لم تظهر أي نتائج، وكان هناك جدل متزايد حول مدى أخلاقية هذه التجربة، وأصبح الرأي العام أقل دعما للمشروع. يذكر ان ما تم انفاقه على رعاية ديفيد أكثر من 1.3 $ مليون دولار .
في يوم من الأيام قام اصدقاء ديفيد بترتيبات ليتم نقل ديفيد بواسطة الغرفة المتنقلة - المستخدمه في نقله ما بين المستشفى والمنزل- الى مبنى السينيما ليتسنى له مشاهدة فلمه المحبب له حرب النجوم .
..::& بادرة أمل &::..
في عام 1983 وبعدما كانت محاولاتهم لإيجاد نخاع عظمي متطابق منذ ولادته لم تنجح وبعد تطور الطب تم إيجاد طريقة لنقل النخاع العظمي وإن لم يكن متطابق تماما , قرر والدا ديفيد السماح للفريق الطبي المعالج لإجراء عملية زرع نخاع عظمي غير متطابق. وكانت شقيقته كاترين هي المتبرعه بالنخاع العظمي .
تم إجراء عملية ناجحة إلى حد ما لزراعة النخاع العظمي لديفيد في عام 1984 ، ومنذ ذلك الوقت كان الأمل كبير أن ديفيد سيتمكن من مغادرة الغرفة العازلة . كانت مخاوف الأطباء من حدوث حالة تعرف ب GVHD وهي بأن تقوم خلايا الدم البيضاء الناتجة من النخاع العظمي المزروع بمهاجمة أنسحة وأعضاء الجسم. ولكن لم تظهر عليه اعراض هذا المرض. ومع ذلك، بعد بضعة أشهر من العملية، أصبح ديفيد مريض للمرة الأولى في حياته، وعندما اشتدت عليه هذه الأعراض لدرجة أن ديفيد كان لا بد من خروجة من الغرفة العازلة لتلقي العلاج. وردا على سؤال مباشر من والده عما اذا كان يرغب في أن يخرج من الغرفة العازلة ، أجاب ديفيد، "أبي، أنا موافق على أي شيء يشعرني بالتحسن." وخلال فترة الاسبوعين التي كان فيها ديفيد خارج الغرفة العازلة تمكن والداه من حمله وتمكن ديفيد من مشاهدة عائلته بدون غرفة عازلة بينهم وتمكنت والدته من لمس جلده للمرة الأولى والأخيرة قبل وفاته.
..::& وداعا &::..
في يوم وفاته وبدلا من ان يودع الطبيبة مورفي كعادته ب (نراكي في وقت لاحق) قال (أنا احبك وداعا) وقال لأمه (تذكري انا احبك. وداعا) ونظرا للطبيب وغمز له ثم نام بعد ذلك ازالة امه الغطاء من وجهها وقبلته لأول مره في حياتها وبعدها ب لحظات اعلن الطبيب وفاته .توفي في 22 فبراير 1984 من سرطان بيركيت في الغدد الليمفاوية في سن ال 12. حيث كان السبب وبدون علم الأطباء أنه لم يتم الكشف عن وجود فيروس ابشتاين بار Epstein-Barr في نخاع كاثرين وكان السبب في حدوث سرطان بيركيت في الغدد اللمفاوية لدى ديفيد.
تقول مورفي الأخصائية النفسية لديفيد (كان يقول : الم يفكروا ابدا بأنهم يتلاعبون في حياتي وبأنهم يتخذون قرارات بدون اي تفكير سوا لأنهم ارادوا ذلك)
فيديو
http://www.youtube.com/watch?v=PuVnqa_n2_Y
الرجاء الخفض على صوت الموسيقى
النتائج الطبية المستنتجة من تجربة ديفيد فيتر
في حين وجد الفنانين إلهام في الظروف العاطفية والمعقدة من حياة ديفيد، إستفاد العلماء والأطباء من هذه التجربة لتطوير علاجات للأطفال المصابين بنقص شديد في المناعة. جعلت الطب يتقدم في محورين اساسين وهما فهم طبيعة السرطان واستخدام العلاج الجيني.
السرطان
لأن بيئته كانت مسيطر عليها بالكامل وجد الأطباء رابط بين الأورام اللمفاوية السرطانية التي قتلت ديفيد وفيروس ابشتاين بار التي كانت موجودة في النخاع العظامي المزروع . حيث كانوا يعتقدون ان فايروس ابشتاين بار يؤدي إلى السرطان في المرضى المتلقين لعملية زراعة القلب ، وموت ديفيد أكد هذه الشكوك . "يمكننا الآن دون أي شك أن نصف التطور الواضح جدا من الإصابة بجرثوم في تطوير السرطان" وليام شيرر، طبيب ديفيد.
التخطيط الجيني
في عام 1993 تحليل عينات الدم المأخوذة من ديفيد حدد هذا الجين المسبب لمرض ديفيد الخلقي . كان هذا الاكتشاف اختراق للعلماء في محاولة لفهم كيف لأجزاء مختلفة من الجهاز المناعي التواصل مع بعضها البعض، وسوف يؤدي إلى علاجات جديدة للأطفال المصابين ب SCID.
العلاجات الجديدة لSCID
منذ وفاة ديفيد ، اثنين على الأقل من العلاجات الجديدة أعطيت للأطفال الذين يولدون مع SCID. العلاج الأول يتم فيه أخذ الدم من الاطفال ويتم اصلاح الجين في خلايا الدم البيضاء ومن ثم يتم إعادة حقن الخلايا في المريض. وللأسف، فإن خلايا الدم البيضاء تعيش لبضعة أشهر والتكلفة السنوية لهذا العلاج حوالي 100،000 دولار.
العلاج بالخلايا الجذعية
الإجراء الثاني ينطوي على الخلايا الجذعية. يتم تغيير الخلايا الجذعية من الحبل السري للمواليد الرضع المصابين ب SCID وإصلاح الجين الذي يحمل المرض. ومن ثم إدخال هذه الخلايا إلى جسم المريض. وتعتبرهذه العملية التاريخية كأول محاولة لعلاج المرض عن طريق العلاج الجيني، وليس فقط التخفيف من أعراض المرض. وعلى الرغم من أن كل المرضى الذين تلقوا هذا العلاج تم شفاؤهم من SCID ، تم تعليق العلاج الجيني بعد وجود نسبة من المرضى اصيبوا بسرطان الدم (3 من كل 10 اشخاص)
المراجع
1/ http://www.pbs.org/wgbh/amex/bubble/.../e_legacy.html
2/ http://www.shock4all.com/2010/06/life-in-bubble.html
إعداد وترجمة
هدبدب
وفي الختام أتمنى ان ينال الموضوع على اعجابكم